الأربعاء، 26 نوفمبر 2008

مسمار في الذاكرة


ذات ليلة من ليالي الشتاء القارص و تحديدا الليلة التاسعة و العشرون من شهر أكتوبر سنةألف و تسعمائة و ست و خمسون كنت و أخوتي محمد و ممدوح مستغرقين في نوم عميق بالصندلة أعلي المطبخ و هي مكان خصص لحفظ و تخزين المواد التموينية و الأغذية الجافة ، إذ استيقظنا علي صراخ و صوت نينا ينادي علينا بالنزول سريعا من الصندلة فلقد داهمت بلدتنا غارة جوية بأعداد كبيرة من الطائرات و أخذت أصوات الأنفجارات تتوالي و صوت رعد أزيز الطائرات فأسرعنا بالنزول محمد و ممدوح و تبعتهم مسرعا ناسيا مسمار السقف الذي يربط به باب الصندلة فمزق جنبي الأيمن بجرح قطعي عميق و نزف دمي و أنا أصرخ و أبكي ،تلقتني نينا في صدرها و أخذت تنادي علي ستي :الحقينا محمود بينزف دم كثير أسرعت ستي نحونا و أخذتني من نينا و طلبت منها احضار البن فورا حيث وضعت كمية كبيرة منه علي الجرح فتوقف الدم ثم مزقت فانلة بيضاء لتربط علي الجرح ،ثم تجمعنا في حجرة داخلية حتي لا يظهر ضوء اللمبة الجاز إذ كان الظلام حالكا بالداخل و الخارج كتعليمات الغارات الجوية .و بدأ الجيران يتوافدون علينا من الأدوار التي تعلونا فلقد كان بيتنا بالدور الأرضي و رغم تجمع عدد كبير من الناس داخل بيتنا إلا أني كنت أشعر بخوف شديد من صوت الطائرات و الأنفجارات المتتالية و كان الجميع في هلع و خوف و النساء يبكين ، بعد فترة و جيزة عاد أبتي من الخارج و فهمت من كلامه للجميع أن الأعداء قاموا بعمليات إبرار قوات علي شاطئ البحر الذي يبعد عن بيتنا حوالي مائتي متر و كذلك عند مطار الجميل و الجبانات و قد قرر أبتي إخلاء البيت فورا و ذلك لإشتعال النيران بالدور و المنازل و البيوت المجاورة بل و في الحي بكامله.
خرجنا جميعا بملابس النوم و وقفنا نرتجف في العراء أمام البيت إنتظارا لتجمع كل أفراد العائلة كي نغادر الحي إلي حي العرب حيث كان أكثر أمنا و بعدا عن الأعداء و عزم أبتي الذهاب إلي بيت عمه له بحي العرب و في هذه الأثناء دوى صوت إنفجار هائل في بيتنا الذي سرعان ما أشتعلت فيه النيران و أحاطت به و آتت عليه كاملا بكل ما فيه ،و لم تبارح ذاكرتي رغم مرور أثنان و خمسون عاما صورة عمتي هانم و هي تبكي في لوعة علي هذا المشهد فلقد كانت علي و شك الزفاف و أحترق جهازها و أثاث بيتها كاملا داخل بيتنا ..

الأحد، 23 نوفمبر 2008

بورسعيد بلدي


بسم الله الذي لا يضر مع أسمه شئ في السموات و الأرض قال ربنا سبحانه و تعالي في محكم آياته

" وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18) وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (19)" سورة النحل.
الحمد لله علي نعمه التي لا تحصي حمدا كثيرا مباركا فيه و من أعظم نعم الله علينا العقل
و ما حوي من أفكار و رؤي و صور و أطياف و علوم و معارف و ذكريات و ذاكرة تصنع جميعها تاريخ الفرد و سط الجماعة البشرية فأذا ما أنقضي عمر الفرد دونما يعطي للحياة البشرية علي الأرض نفعا كانت حياته سدي فما بالنا بمن لم يؤدي مهمته التي خلق من أجلها سيلقي و لا ريب الله و هو عليه غضبان.
"فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ"مقطع من آخر الآية 17 سورة الرعد .
لذا حرصت علي إعادة كتابة ذكرياتي الخاصة و التي ترتبط أرتباط وثيق بفترة زمنية تؤرخ لروح المقاومة و النضال لعلها تنفع الجيل المعاصر و أنا علي يقين من أنه جيل التمكين في الأرض بمشيئة الله تعالي ..ولكي تتضح الصورة وجب علي وصف بلدي بورسعيد و موقعها الجغرافي وصف موجز فهي مكان للأحداث و الذكريات التي سوف أسردها..
تقع بورسعيد في أقصي الشمال الشرقي لقارة افريقيا علي مدخل قناة السويس الشمالي و يحيط بها الماء من جميع الجهات ففي الشمال و الغرب البحر الأبيض المتوسط ومن الجنوب بحيرة المنزلة و من ناحية الشرق قناة السويس و زائر بورسعيد يعبر كباري لدخولها و هي مدينة صغيرة و موقعها فريد ..و لقد عانت هذه البلدة من حروب كثيرة منذ نشأتها وذكرياتي تبدأ بمعركة 1956 و ارجو الله العلي القدير أن تكون ذا نفع و أن تحوذ إعجاب المتلقي
و يستفيد منها الدروس في مقاومة الغازي ودحره و هزيمته ..

الاثنين، 17 نوفمبر 2008

عودة علي بدء


بسم الله و علي بركة أعود للتدوين من جديد بعد فترة إنقطاع و مراجعة مع الذات

في البداية أعتذر لكل أبنائي و بناتي في هذا العالم الأفتراضي عن الأنقطاع عن

التدوين، فأنا من كنت دوما ضد غلق نافذة التعبير عن الذات ألا و هي المدونة .

و أنا إذ أعود من جديد لهذا العالم أشكر و من أعماقي كل من أفتقد مدونتي بل

لا أملك عبارات إمتنان تكفي للتعبير عن شكري ..فلقد أحاطني الكثير منكم

بالأهتمام بل و ضع صورتي في مدونته و هناك من لم يعدم وسيلة فحصل

علي رقم هاتف بيتي ليطمئن علي أحوالي فجزاكم الله عني كل خير و أنا

لن أذكر أسماء فقد انسي أسم أي أبن أو أبنة ..

و عودة للكتابة أحببت أن تكون عن الكلمة و مدي تأثيرها في حياة كل منا

بل و مصيره حين يلقي الله سبحانه و تعالي حين لن ينفع مال و لا بنون

فالكلمة أمانة مسئولون عنها قال ربنا سبحانه و تعالي في محكم التنزيل

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)سورة ق

لذا فكل لفظة أو كلمة قد تؤدي بصاحبها إلي دار البوار

قال الله سبحانه و تعالي في كتابه الكريم :أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) سورة إبراهيم

و بعودتي للكتابة من جديد سوف أتحري كل كلمة و أنا أعتذر لكل من تسببت له في لحظة ألم أو أكون

قد خانني التعبير معه أو تسببت له في حزن ..

أبنائي و بناتي لكم شكري و امتناني أعزكم الله