الثلاثاء، 30 ديسمبر 2008

ما أشبه الليلة بالبارحة


إلي اطهر الرجال إلي أهلنا بغزة بلد العزة و الصمود أقول ما أشبه الليلة بالبارحة نعم فغزة الصمود تذكرني ببلدي بورسعيدففي مثل هذه الأيام من عام 1956 أغارت دول الأرهاب و الكفر الثلاث انجلترا و فرنسا و صنيعتهما إسرائيل

علي بورسعيد و أمطروها بأطنان من القنابل و التوربيدات و البودرة الحارقة و جعلوا بيوتها و أحياؤها انقاض و حرائق و رماد و شردوا أهلها و قتلوا الأطفال و النساء و الشيوخ و لم يراعوا فينا ضمير و كانت الجثث تحمل علي عربات لا تحصي عددا و استمر هذا الأجتياح أكثر من ثمانية و أربعون يوما و رغم ذلك لقن أهل بورسعيد دول الأرهاب درسا قاسيا بمقاومة شعبية منقطعة النظير و هزمهم شعب بورسعيد و كبدهم أفدح الخسائر ..فصبرا أهل غزة فالنصر لكم و الجنة لكم هذا و عد الله سبحانه و تعالي فمن ينصر الله ينصره و من يصدق الله يصدقه ..قال ربنا في محكم التنزيل

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ *وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ * وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ *الآيات 153 /157
سورة البقرة
إلي أهلنا و أحبابنا في غزة لقد أراد الله أن يتخذ منكم شهداء فأثبتوا و ثابروا و أصبروا و أعلموا أن الله معكم و قلوبنا و أرواحنا فداء لكم

الجمعة، 26 ديسمبر 2008

ليلة بكي فيها الرجال


جاء عمي إبراهيم و زوجته و أبنتاه ناريمان و مديحة ثم جاء جدي و عمي محمد فعمتي
السيدة و زوجها و أولادها أمينة و مصطفي و إبراهيم و حين هممنا بالتحرك إذ بسرب من
طائرات العدو غريبة الشكل تلقي علي البيوت ما يشبه البودرة و لكن تأثيرها حارق إذ
سرعان ما أحترقت البيوت و أستعرت النيران من بيت لبيت حتي آتت النيران علي الحي بأكمله و نحن وقوف بملابس النوم مشردين بلا مأوي ،و لتقريب الصورة للذهن أحببت أن أوضح أن حي المناخ في هذا الزمان كان يقع بين شارعي الأمين شرقا و شارع مسجد صالح سليم غربا (استلينجراد - الآن)و من الجنوب شارع كسري و من الشمال شارع الثلاثيني و كان ينقسم الحي قسمان المناخ الفوقاني و المناخ التحتاني و في أقص الشمال الغربي كان موجود قشلاق السواحل و عشش الصيادين و كذا مستشفي الفوقانية للحميات و السلخانة كل هذه المنطقة أصبحت اثرا بعد عين و تحركنا بصعوبة في إتجاه قسم المناخ بأقصي الجنوب الغربي مجتازين البيوت المحروقة و قام أبتي و زوج عمتي و عمي إبراهيم بربط أيدي الأطفال بالحبال حتي لا يضيع أحد في الظلام و بمجرد و صولنا جهة القسم إذ بكردون من جنود الأحتلال يدفعنا دفعا في أتجاه شارع الأمين فجراج عبد ربه (مسجد مريم القطرية -حاليا) حيث تجمعنا أهل الحي جميعا بداخل الجراج محاصرين بقوات الأحتلال لا نملك طعام و لا ماء ، و أخذ الجنود الأعداء في فرز الوجوه بحثا عن الشباب و الرجال الذين يستطيعون حمل السلاح و حين تقع أعينهم علي أحد الشباب أخذوه عنوة إلي سيارة نقل جنود و كان ممن و قع أختيارهم عليه من عائلتنا عمي إبراهيم حيث ألقوا القبض عليه و زوجته و نساء العائلة يبكين و هو يقاوم و تعامل معه الجنود الأنجليز بعنف و أخذوه إلي السيارة التي غابت عن انظارنا ، ثم أخذوا في إخراجنا جميعا من الجراج مرة آخري من ناحية شارع الثلاثيني لنري جميعا منظر في غاية البشاعة و العنف حيث قيدوا ثلاث من الشباب و جعلوا وجوههم إلي ناحية سور مستشفي المصح البحري و أمطروهم بوابل من نيران البنادق علي ظهورهم فسقطوا و نحسبهم عند الله شهداء .. يا الله كان منهم عمو عوض بن أبو رشاد جارنا و صديقي الحميم..

الأربعاء، 26 نوفمبر 2008

مسمار في الذاكرة


ذات ليلة من ليالي الشتاء القارص و تحديدا الليلة التاسعة و العشرون من شهر أكتوبر سنةألف و تسعمائة و ست و خمسون كنت و أخوتي محمد و ممدوح مستغرقين في نوم عميق بالصندلة أعلي المطبخ و هي مكان خصص لحفظ و تخزين المواد التموينية و الأغذية الجافة ، إذ استيقظنا علي صراخ و صوت نينا ينادي علينا بالنزول سريعا من الصندلة فلقد داهمت بلدتنا غارة جوية بأعداد كبيرة من الطائرات و أخذت أصوات الأنفجارات تتوالي و صوت رعد أزيز الطائرات فأسرعنا بالنزول محمد و ممدوح و تبعتهم مسرعا ناسيا مسمار السقف الذي يربط به باب الصندلة فمزق جنبي الأيمن بجرح قطعي عميق و نزف دمي و أنا أصرخ و أبكي ،تلقتني نينا في صدرها و أخذت تنادي علي ستي :الحقينا محمود بينزف دم كثير أسرعت ستي نحونا و أخذتني من نينا و طلبت منها احضار البن فورا حيث وضعت كمية كبيرة منه علي الجرح فتوقف الدم ثم مزقت فانلة بيضاء لتربط علي الجرح ،ثم تجمعنا في حجرة داخلية حتي لا يظهر ضوء اللمبة الجاز إذ كان الظلام حالكا بالداخل و الخارج كتعليمات الغارات الجوية .و بدأ الجيران يتوافدون علينا من الأدوار التي تعلونا فلقد كان بيتنا بالدور الأرضي و رغم تجمع عدد كبير من الناس داخل بيتنا إلا أني كنت أشعر بخوف شديد من صوت الطائرات و الأنفجارات المتتالية و كان الجميع في هلع و خوف و النساء يبكين ، بعد فترة و جيزة عاد أبتي من الخارج و فهمت من كلامه للجميع أن الأعداء قاموا بعمليات إبرار قوات علي شاطئ البحر الذي يبعد عن بيتنا حوالي مائتي متر و كذلك عند مطار الجميل و الجبانات و قد قرر أبتي إخلاء البيت فورا و ذلك لإشتعال النيران بالدور و المنازل و البيوت المجاورة بل و في الحي بكامله.
خرجنا جميعا بملابس النوم و وقفنا نرتجف في العراء أمام البيت إنتظارا لتجمع كل أفراد العائلة كي نغادر الحي إلي حي العرب حيث كان أكثر أمنا و بعدا عن الأعداء و عزم أبتي الذهاب إلي بيت عمه له بحي العرب و في هذه الأثناء دوى صوت إنفجار هائل في بيتنا الذي سرعان ما أشتعلت فيه النيران و أحاطت به و آتت عليه كاملا بكل ما فيه ،و لم تبارح ذاكرتي رغم مرور أثنان و خمسون عاما صورة عمتي هانم و هي تبكي في لوعة علي هذا المشهد فلقد كانت علي و شك الزفاف و أحترق جهازها و أثاث بيتها كاملا داخل بيتنا ..

الأحد، 23 نوفمبر 2008

بورسعيد بلدي


بسم الله الذي لا يضر مع أسمه شئ في السموات و الأرض قال ربنا سبحانه و تعالي في محكم آياته

" وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18) وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (19)" سورة النحل.
الحمد لله علي نعمه التي لا تحصي حمدا كثيرا مباركا فيه و من أعظم نعم الله علينا العقل
و ما حوي من أفكار و رؤي و صور و أطياف و علوم و معارف و ذكريات و ذاكرة تصنع جميعها تاريخ الفرد و سط الجماعة البشرية فأذا ما أنقضي عمر الفرد دونما يعطي للحياة البشرية علي الأرض نفعا كانت حياته سدي فما بالنا بمن لم يؤدي مهمته التي خلق من أجلها سيلقي و لا ريب الله و هو عليه غضبان.
"فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ"مقطع من آخر الآية 17 سورة الرعد .
لذا حرصت علي إعادة كتابة ذكرياتي الخاصة و التي ترتبط أرتباط وثيق بفترة زمنية تؤرخ لروح المقاومة و النضال لعلها تنفع الجيل المعاصر و أنا علي يقين من أنه جيل التمكين في الأرض بمشيئة الله تعالي ..ولكي تتضح الصورة وجب علي وصف بلدي بورسعيد و موقعها الجغرافي وصف موجز فهي مكان للأحداث و الذكريات التي سوف أسردها..
تقع بورسعيد في أقصي الشمال الشرقي لقارة افريقيا علي مدخل قناة السويس الشمالي و يحيط بها الماء من جميع الجهات ففي الشمال و الغرب البحر الأبيض المتوسط ومن الجنوب بحيرة المنزلة و من ناحية الشرق قناة السويس و زائر بورسعيد يعبر كباري لدخولها و هي مدينة صغيرة و موقعها فريد ..و لقد عانت هذه البلدة من حروب كثيرة منذ نشأتها وذكرياتي تبدأ بمعركة 1956 و ارجو الله العلي القدير أن تكون ذا نفع و أن تحوذ إعجاب المتلقي
و يستفيد منها الدروس في مقاومة الغازي ودحره و هزيمته ..

الاثنين، 17 نوفمبر 2008

عودة علي بدء


بسم الله و علي بركة أعود للتدوين من جديد بعد فترة إنقطاع و مراجعة مع الذات

في البداية أعتذر لكل أبنائي و بناتي في هذا العالم الأفتراضي عن الأنقطاع عن

التدوين، فأنا من كنت دوما ضد غلق نافذة التعبير عن الذات ألا و هي المدونة .

و أنا إذ أعود من جديد لهذا العالم أشكر و من أعماقي كل من أفتقد مدونتي بل

لا أملك عبارات إمتنان تكفي للتعبير عن شكري ..فلقد أحاطني الكثير منكم

بالأهتمام بل و ضع صورتي في مدونته و هناك من لم يعدم وسيلة فحصل

علي رقم هاتف بيتي ليطمئن علي أحوالي فجزاكم الله عني كل خير و أنا

لن أذكر أسماء فقد انسي أسم أي أبن أو أبنة ..

و عودة للكتابة أحببت أن تكون عن الكلمة و مدي تأثيرها في حياة كل منا

بل و مصيره حين يلقي الله سبحانه و تعالي حين لن ينفع مال و لا بنون

فالكلمة أمانة مسئولون عنها قال ربنا سبحانه و تعالي في محكم التنزيل

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)سورة ق

لذا فكل لفظة أو كلمة قد تؤدي بصاحبها إلي دار البوار

قال الله سبحانه و تعالي في كتابه الكريم :أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) سورة إبراهيم

و بعودتي للكتابة من جديد سوف أتحري كل كلمة و أنا أعتذر لكل من تسببت له في لحظة ألم أو أكون

قد خانني التعبير معه أو تسببت له في حزن ..

أبنائي و بناتي لكم شكري و امتناني أعزكم الله